خطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة خطبة الأسبوع ، خطبة الجمعة القادمة، خطبة الاسبوع، خطبة الجمعة وزارة الأوقافعاجل

خطبة ( ظاهرة أطفال الشوارع وقضايا الأحداث وإهمال النشء والاهتمام باليتيم ) د . أسامة فخري الجندي

خطبة الجمعة بعنوان

( ظاهرة أطفال الشوارع وقضايا الأحداث وإهمال النشء والاهتمام باليتيم )

أولاً : العناصر :

1- نموذج الطفل الذي نريده

2- الآثار المترتبة على إهمال تربية النشء

3- تربية الأطفال وتنشئتهم على الثقة والاستقامة والجرأة بالحق .

4- أسباب ظاهرة أطفال الشوارع

ثانيًا : الأدلة

  • ·       الأدلة من القرآن الكريم :

1- قال جل وعلا : ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) [التغابن : 15]

2- وقال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ). [التحريم : 6] .

3- وقال تعالى : ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ) [طه : 132]

4- وقال تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً ) [الإسراء:23]

5- وقال تعالى : ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ ) [النساء: 11]

  • ·       الأدلة من السنة والآثار :

1- قوله (صلى الله عليه وسلم) 🙁  كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه ) [البخاري ومسلم]

2- ويقول ( صلى الله عليه وسلم ) : ( رحم الله والداً أعان ابنه على بره ) [ابن أبي شيبة]

3- وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (مروا أولادكم بالصلاة لسبع ، واضربوهم عليها لعشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع ) . [أحمد وأبو داود ] .

4- قوله ( صلى الله عليه وسلم ) : (مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) . [البخاري ومسلم]

5- قوله ( صلى الله عليه وسلم ) : (  إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ). [مالك في الموطأ]

6- قوله ( صلى الله عليه وسلم ) : ( مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا خَيْرًا لَهُ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ ) . [أحمد والترمذي] .

7- قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (لأَنْ يُؤَدِّبَ أَحَدُكُمْ وَلَدَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّقَ كُلَّ يَوْمٍ بنصْفِ صَاعٍ عَلَى مَسَاكِينَ ) . [الحاكم والطبراني]

8- وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لابن عباس (رضي الله عنهما) : ( يا غلام إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنتَ فاستعن بالله …………. ) [أحمد والترمذي] .

9- وقال عبد الله بن عمر ( رضي الله عنهما ) : (أَدِّبِ ابْنَكَ فَإِنَّكَ مَسْئُولٌ عَنْ وَلَدِكَ مَاذَا أَدَّبْتَهُ ، وَمَاذَا عَلَّمْتَهُ ، وَإِنَّهُ مَسْئُولٌ عَنْ بِرِّكَ وَطَوَاعِيَتِهِ لَكَ )” . [البيهقي]

10-                     وقال قتادة : (مُرُوهُمْ بِطَاعَةِ اللَّه وَانْهَوْهُمْ عَنْ مَعْصِيَته) . [السيوطي في الدر المنثور]

11-                    قال بعض أهل العلم : ( إن الله سبحانه وتعالى يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده ، فوصية الله للآباء بأولادهم سابقة على وصية الأولاد بآبائهم ) . [ ابن القيم في تحفة المودود] .

 

ثالثًا : الموضوع

إن الثروة الحقيقية لنا في الدنيا والآخرة هي أبناؤنا ، فهم بابٌ من أبواب الجنة لمن عني بتربيتهم ورعايتهم وإصلاحهم ، وهم بِرٌّ يعود علينا في قبورنا إن كانوا صالحين .

إنه وبلا شك ما من إنسان إلا ويتمنى الولد ، ولكن السؤال : متى يكون الولدُ قرَّة عين لوالديه ؟ إن الولد يكون قرةَ عين لوالديه إذا كان مستقيمًا في سلوكه ، ناضجًا في تفكيره ، حليمًا في تصرفه ، عفيفًا في أسلوبه ، متمسكًا بتعليمات دينه ، متأسيًّا بأخلاق نبيّه صلى الله عليه  وسلم ، سالكًا درب الصلاح .  

الأمر الذي يجعل تربية النشء ضرورة على الآباء والأمهات لنصل إلى هذا النموذج السابق ، يقول الإمام الغزالي رحمه الله : ” إن الصبي أمانة عند والديه ، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة ، وهو قابل لكل ما يُنقش فيه ، ومائل إلى كل ما يُمال به إليه ، فإن عوّد الخير وعلِمَه ، نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة ، وشاركه في ثوابه أبواه وكل معلِّم له ومؤدِّب ، وإن عوّد الشر ، وأُهمل إهمال البهائم شقي وهلك ، وكان الوزر في رقبة مُرَبِّيه والقَيِّم عليه “. [ المدخل ، لابن الحاج ]

فالطفل إذن صحيفة بيضاء نقية في أيدي أبويه ومن يربيه ، فإذا نقشوا فيه صالحًا ، نشأ صالحًا ، وإن نقشوا فيه شيئًا فاسدًا ، نشأ على السُّوء والفساد . ومن ثم فإذا أدرك الآباء والمربون هذه الأمانة وحملوها بصدق وإخلاص ، فلتبشر الأمة بالنصر القريب عملا بقول الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) [ الرعد :11] .

إنه من المعلوم أن طفل اليوم تتكون منه أمة الغد ، وعلى أي حال كان واقع الطفل وتربيته اليوم ، سيكون وضع الأمة في المستقبل تبعًا لذلك ، لقد جاء عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قوله : ” أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم ” [ابن ماجة] . وهي دعوة نبوية إلى الآباء والأمهات والمربين بأن يبادروا إلى الاهتمام بتربية الأبناء والسعي في إصلاحهم ما استطاعوا ، ولا شك أن أعظم ما تتوجه إليه الجهود وتُنفق فيه الأموال إصلاح الأبناء .

ومن هنا فإن لإهمال تربية النشء عواقب وخيمة ، بل ومشاكل مؤجلة تنتظرها الأمة فيما بعد ، فماذا ننتظر من هذا الجيل المهزوم الذي نراه الآن وهو يقضي الساعات الطويلة من يومهم أو يومهم كله في الشارع ، بلا روابط أسرية أو بروابط أسرية ضعيفة ، والذين يطلق عليهم أطفال الشوارع ، وما ينتج عن ذلك من قضايا الأحداث المحمّلة بجرائم متنوعة ؟ .

إن هؤلاء إنما هم ثمرة لتربيةِ آباء لا يعرفون شيئاً عن الإسلام ، أو ثمرة لأبٍ جاهلٍ لم يكن عنده انتماء البتة ، إن هذا الجيل الذين هم أطفال لا زالوا في عمر الزهور ، نجدهم في مواقف السيارات وفي إشارات المرور ، وعند أبواب المحلات والمتاجر ، يرمقون المارة بنظراتهم البائسة وبثيابهم الرثة ، أهكذا يكون منظر هؤلاء الأطفال الذين هم من المفروض ذخر الأمة والمجتمع ، أهكذا يُنسون ويُداسون ؟!

إن من أسباب هذه الظاهرة (ظاهرة أطفال الشوارع) : تخلي الأبوين عن تربية أولادهما إما غفلة منهما أو انصرافًا عن هذه المسؤولية أو إهمالًا لهذه الأمانة .

وينبغي أن ندرك أن لهذا الإهمال نتائج خطيرة ، منها : إتاحة الفرصة لرفقاء السوء أن يصطادوا الأبناء المُهْمَلِين من قِبل آبائهم .

ومنها : سرعة انجذاب الأولاد لداعي الفساد وارتكاب الجريمة في المجتمع ، ومن أجل ذلك كانت توجيهات الإسلام حاسمة وصريحة في هذا الشأن ، قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}. [ التحريم : 6]

وكذلك من وسائل الإهمال في تربية النشء : فعل المنكرات أمامهم ؛ مما يجعل من الوالدين والمربين قدوة سيئة ، فينفك السلوك عند الأولاد ، ويقلدون آبائهم ، ويسيروا على نهجهم ، فيُخْرِجون للمجتمع عضوًا لا ينفع مجتمعه بقدر ما يضره .

لقد بيّن لنا الشرع الحنيف أن تربية النشء يجب أن تكون خالية من الكذب ؛ لينشأ الأطفال وقد تعوّدوا على الصدق والصراحة والجُرأة في القول والعمل . فقد روى الصحابي الجليل عبد الله بن عامر قائلاً: دعتني أمي يومًا وأنا صغير، ورسول الله قاعد في بيتنا، فقالت لي: تعال أعطيك، فسألها الرسول الصادق المصدوق: ((ما أردت أن تعطيه؟)) قالت: أردت أن أعطيه تمرًا، فقال لها: ((أما إنك لو لم تعطه شيئًا كُتِبت عليك كذبة)). وروى الصحابي الجليل أبو هريرة أن رسول الله قال: ((من قال لصبي : تعال هاك ثم لم يعطه فهي كذبة)) [ البيهقي ]. بهذا الهدي النبوي ينبغي أن نربّي أولادنا وننشئهم النشأة الإسلامية الصحيحة ، تلك التربية الإيمانية التي يتنزّهون فيها عن الكذب ، ويحققون الاستقامة ، ويكون عندهم ملكة الجرأة بالحق .

نعم فأطفال اليوم هم شباب الغد ، هم من يعيشون أخصب مراحل العمر وهي مرحلة العطاء والشباب ، هم الثروة الثمينة التي لا تعوض ، وهم تاج وعز الأمة ، بصلاحهم تنهض الأمة ، وهم في أي مجتمع من المجتمعات عنصر حيوي في جميع ميادين العمل الإنساني والاجتماعي والثقافي والتكويني لهذا المجتمع ، وهم همزة الوصل بين الماضي والمستقبل . وللنظر إلى هذه النماذج الرائعة من أطفال وصبية السلف الصالح :

1-حينما وَلِيَ الخلافة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ، وفدت عليه الوفود من كل بلد لتُبيِّن حاجتها وللتهنئة ، فوفد عليه الحجازيون ، فتقدم غلام هاشمي للكلام ، وكان حديث السن ، فقال عمر: لتأخر أنت وليتقدم من هو أسن منك ، أي يتكلم مَن هو أسَنُّ منك ، فقال الغلام : أيَّد اللَّه أمير المؤمنين ، إنما المرء بأصغرَيْهِ ، قلبه ولسانه ، فإذا منح اللَّه عبدًا لسانًا لافظًا وقلبًا حافظًا ؛ فقد استحق الكلام ، ولو أن الأمر – يا أمير المؤمنين –  بالسن ؛ لكان في الأمة مَن هو أحق بمجلسك هذا منك ، فقال عمر: صدقْتَ ، قُل ما بدا لك [ تربية الأولاد ، لعبد الله صالح علوان ]  .

2-وحين خرج المسلمون إلى أحد للقاء المشركين ، ولما اصطفّ الجيش قام النبي صلى الله عليه وسلم يستعرضه ، فهو القائد ، فرأى في الجيش صغارًا لم يبلغوا الحلم حشروا أنفسهم مع الرجال ، يريدون الجهاد في سبيل الله تعالى ، يريدون إعلاء كلمة الله ، اصطفوا للجهاد وللشهادة ، فأشفق عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فردّ من استصغر منهم ، وكان فيمن رده صلى الله عليه وسلم رافع ابن خديج وسَمُرة بن جندب ، ثم أجاز رافعًا لِمَا قيل : إنه رامٍ يُحْسِنُ الرِّمَايةَ ، فبكى سمرة وقال لزوج أمه : أجاز رسول الله رافعًا وردَّني مع أني أصرعه ، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر فأمرهما بالمصارعة ، فكان الغالب سمرة ، فأجازه عليه الصلاة والسلام  [ ابن هشام في السيرة النبوية ].

5- وهذا سيدنا عمر بن عبد العزيز كان له ولد صغير ، فرآه عمر في يوم العيد وعليه ثوب خَلْق – أي قديم متمزق – ، فدمعت عيناه ، تدمع عيناه وهو أمير المؤمنين ؛ لأنه لا يستطيع أن يكسو ابنه ثوبًا جديدًا للعيد، فلما دمعت عيناه رآه ولده فقال: ما يبكيك يا أمير المؤمنين ؟! يسأل الولد أباه ، قال: يا بني ، أخشى أن ينكسر قلبك إذا رآك الصبيان بهذا الثوب الخلِق ، قال : يا أمير المؤمنين ، إنما ينكسر قلب من أعدمه الله رضاه أو عقّ أمه وأباه ، وإني لأرجو أن يكون الله راضيا عني برضاك . فما أجمل هذه التربية ، وما أحلى هذه التنشئة . [زهر الآداب وثمر الألباب للقيرواني]

6-ومن النماذج التي تُذكر في هذا الشأن أيضًا ما جاء أن البادية قحطت في أيام هشام بن عبد الملك ، فقدمت عليه العرب فهابوا أن يتكلموا وفيهم ” درواس بن حبيب ” وهو يومئذ  ابن ست عشرة سنة ، فوقعت عليه عينا هشام بن عبد الملك ، فقال لحاجبه : ما يشاء أحد يدخل علي إلا دخل حتى الصبيان ؟! فوثب ” درواس بن حبيب ” حتى وقف بين يديه مطرقاً ، فقال : يا أمير المؤمنين إن للكلام نشراً وطياً ، وإنه لا يعرف ما في طيه إلا بنشره ، فإن أذنت لي أن أنشره نشرته . قال : أنشر لا أبا لك ، وقد أعجبه كلامه مع حداثة سنه . فقال: إنه أصابتنا سنون ثلاث: سنة أذابت الشحم ، وسنة أكلت اللحم ، وسنة نقَّت العظم ، وفي أيديكم فضول أموال ، فإن كانت لله ففرقوها علي عباده ، وإن كانت لهم فعلام تحبسونها عنهم ؟ وإن كانت لكم فتصدقوا بها عليهم (إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) [يوسف:88] فقال هشام : ما ترك لنا الغلام في واحدة من الثلاث عذراً. فأمر للبوادي بمائة ألف دينار ، وله بمائة ألف درهم ، فقال : ارددها يا أمير المؤمنين إلى جائزة العرب ، فإني أخاف أن تعجز عن بلوغ كفايتهم . فقال : أما لك حاجة ؟ قال : ما لي حاجة فيَّ خاصة دون عامة المسلمين . فخرج وهو من أنبل القوم . [المستطرف في كل فن مستظرف ]

إن من الأسباب كذلك التي قد تكون سببًا في ظاهرة أطفال الشوارع : أن هناك من الأطفال من قدّر الله لهم أن يكون أيتامًا ، وهؤلاء لم يتركهم الشرع ، وإنما أولاهم بالاهتمام والرعاية والعناية ، وحث على كفالتهم ، وليس المقصود من كفالة اليتيم أنه يطلب الاحتياج إلى الاقتيات ، ولكنه في حاجة إلى أن نعوضه بالتكافل الإيماني عما فقده من الأب .

والمقصود بكفالة اليتيم : القيام بأموره والسعي في مصالحه من طعامه وكسوته وتنمية ماله إن كان له مال وإن كان لا مال له أنفق عليه وكساه ابتغاء وجه الله تعالى ، وليس بالضرورة أن يكون اليتيم غريبًا لتكفله ، وإنما ذلك للقريب والغريب ، وهو ما وضّحه لنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في قوله : (كَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ فِى الْجَنَّةِ ) . وأشار بالسبابة والوسطى . [مسلم وأحمد]

وجاءت الأحاديث تترى تبيّن ثواب تلك الكفالة ، فمنها قوله (صلى الله عليه وسلم) : ( من ضم يتيماً من المسلمين إلى طعامه وشرابه حتى يغنيه الله تعالى أوجب الله له الجنة إلا أن يعمل ذنباً لا يغفر ) . [أحمد وأبو داود والطبراني]

وقال (صلى الله عليه وسلم) أيضًا : (مَنْ مَسَحَ رَأْسَ يَتِيمٍ لَمْ يَمْسَحْهُ إِلَّا لِلَّهِ كَانَ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ مَرَّتْ عَلَيْهَا يَدُهُ حَسَنَاتٌ وَمَنْ أَحْسَنَ إِلَى يَتِيمَةٍ أَوْ يَتِيمٍ عِنْدَهُ كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ وَفَرَّقَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى ) . [أحمد والطبراني]

وجاءت امرأة بطفلتين لها إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها تسألها الصدقة ، فلم تجد عائشة عندها شيئاً تتصدق به إلا تمرة ، فأعطتها التمرة ، فأخذت المرأة التمرة وشقتها نصفين ، نصف لهذه الطفلة ونصف لهذه الطفلة ، فتعجبت عائشة من فعلها ، فأخبرت النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: ( إن الله قد أوجب لها الجنة ) . [ابن حبان والطبراني]  

وقد وقال داود عليه السلام في مناجاته لربه : (إلهي ما جزاء من أسند اليتيم والأرملة ابتغاء وجهك ؟ قال : جزاؤه أن أظله في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي معناه ظل عرشي يوم القيامة. [ السيوطي في الدر المنثور]  .

إن ظاهرة أطفال الشوارع – وما ينتج عنها من قضايا الأحداث المحمّلة بأنواع من الجرائم – هي ظاهرة عامة ، ولا يوجد مجتمع لا يعاني منها حتى المجتمعات المتقدمة تشكو من ظاهرة أطفال الشوارع ، غير أننا نملك تعليمات الصانع جلا وعلا ، وهداية المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فعلينا أن نلتزمهما ، وأن نحقق المراد منهما في الاهتمام بالأطفال منذ الصغر حتى نقوم بتقديمهم أفرادًا صالحين مصلحين ، نافعين ومفكرين ، فيقوم بهم وبغيرهم البناء للأمة إن شاء الله تعالى .  

كتبه : د . أسامة فخري الجندي

إمام وخطيب بمديرية أوقاف الجيزة

908842_524117737672273_380053657_n 

اظهر المزيد

admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »